د. طورهان المفتي
قال لي احد أصدقائي بينما كان في بداية حياته الدراسية يبحث عن اي معلومة حتى يعمل عليها و يعتبر المعلومات المعرفية أساسًا للانطلاق في اتخاذ قراراته ، في يوم من الأيام و هو يناقش احدى المواضيع استنادًا إلى كمية كبيرة من المعلومات المعرفية من قبله فقد لاحظ ان والدته تبدو عليها انها غير مقتنعة بالنتيجة التي يتكلم بها صديقي ، و هنا قالت له يا بني ( عندما يكون هناك الكثير من المعرفة هناك الكثير من الغباء أيضًا).
يقول صديقي : كان كلام والدتي صدمة علمية لي بكل معنى الكلمة ، و عليه قررت اعادة حساباتي و حينما دققت بأسلوب العمل وجدت كمية الانحياز الكبير الذي اقترفته عن غير قصد و انا أفسر هذه المعلومات الواردة الي، و كذلك كمية الأخطاء التي رافقت تراكم هذه المعلومات المعرفية على مر التاريخ .
لو عكسنا ما قالته تلك السيدة حول مجريات فيروس كورونا فاننا نجد و بكل وضوح ان توفر كم هائل من المعلومات في مختلف المجالات الصحية و الوبائية أدت بالمؤسسات الكبرى و الدول التي تمتلك نظام صحي متطور جدا أدت بهم الى ان تنهار امام الفيروس،و السبب هو عدم الرجوع و اعادة التدقيق بالمعلومات المتراكمة على مر التاريخ و اعتبار ما موجود من تلك المعلومات حقيقة مسلمة بها ، و كانت النتيجة واحدة من اقسى الدروس التي واجهتها المجتمع الدولي و الذي أصبح شغله الشاغل في اخر ثلاثين سنة جمع معلومات و التراكم المعرفي و أصبح التباهي بين تلك المؤسسات على كمية المعلومات المتراكمة و لم يجر بخلدهم الحكمة التي قالتها السيدة (عندما يكون هناك الكثير من المعرفة هناك الكثير من الغباء أيضًا) ، فاعتقد جازمًا بأنه على المؤسسات الدولية وبعد ان تنجلي وباء كورونا اعادة دراسة و تدقيق المعلومات المعرفية المتراكمة لديهم لمعرفة مدى صحتها و دقتها و مقدار الانحياز او الأخطاء فيها ليكون هناك درعا علميا رصينا للمستقبل .